غزة بلا مدارس: التعليم بين نار الإبادة وأمل النجاة
بقلم: عبدالجواد أيمن أبو لبن
تاريخ النشر: 24/6/2025
في غزة، لم يعد التعليم مجرد حق مسلوب، بل أصبح أحد ضحايا حرب الإبادة المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر. وسط الدمار الهائل الذي أطبق على كل تفاصيل الحياة، كان استهداف المدارس والجامعات جزءًا ممنهجًا من آلة العدوان، حتى بات التعليم في غزة بين الأنقاض، محاصرًا بالحرب، والجوع، والنزوح.
أرقام صادمة: تدمير متعمد للمنظومة التعليمية
بحسب تقارير صادرة عن وزارة التربية والتعليم الفلسطينية ومنظمات دولية مثل "اليونسكو" و"الأونروا"، فإن:
-
85% من المدارس في قطاع غزة أصبحت خارج الخدمة، ما بين مدمرة كليًا أو جزئيًا.
-
تم استهداف أكثر من 1,160 منشأة تعليمية، منها 927 مدرسة و17 جامعة.
-
الجامعات الكبرى في القطاع، مثل الجامعة الإسلامية وجامعة الأزهر، تعرضت لأضرار جسيمة، بعضها دُمر بالكامل.
-
تم توثيق استشهاد أكثر من 1,200 طالب وطالبة، إضافة إلى 150 معلمًا وأستاذًا جامعيًا.
658,000 طالب بلا مقاعد دراسية
تُشير إحصائيات "أونروا" و"اليونيسف" إلى أن ما يزيد عن 658,000 طفل في سن المدرسة حُرموا من حقهم الأساسي في التعليم. هؤلاء الأطفال، الذين يعيش معظمهم في ظروف نزوح قاسية، فقدوا الكتب، والمدارس، والمعلمين، وحتى الأمل بالعودة إلى حياة طبيعية.
أما التعليم الجامعي، فقد أصيب بالشلل الكامل، حيث انقطعت الدراسة كليًا عن أكثر من 250,000 طالب جامعي، بعد تدمير الحرم الجامعي وسقوط المئات من الطلبة والمعلمين شهداء.
التعليم يتحول إلى مقاومة
في هذا الواقع القاسي، برزت مبادرات إنسانية ومجتمعية صغيرة تسعى لتقديم الحد الأدنى من التعليم، ولو في الخيام أو عبر أوراق مطبوعة. حيث تم إنشاء ما يقارب 500 مركز تعليم مؤقت داخل مراكز الإيواء، مع محاولات محدودة لتقديم الدعم النفسي والتربوي للأطفال.
لكن غياب الكهرباء، وانهيار البنية التحتية، ونقص الموارد، تجعل من هذه المبادرات محاولات للبقاء أكثر منها حلولاً حقيقية.
ما يحدث ليس عارضًا.. بل إبادة تعليمية
وصف خبراء من الأمم المتحدة ومراكز حقوقية دولية ما يجري في غزة بأنه "إبادة تعليمية" (Scholasticide). ليس فقط بسبب عدد المدارس المدمرة، بل بسبب السياسة المتعمدة لضرب حق الفلسطينيين في بناء مستقبلهم عبر العلم والمعرفة.
ولعلّ أخطر ما في هذه الجريمة أن تأثيرها لا يقتصر على اللحظة الراهنة، بل سيمتد إلى سنوات طويلة، ستفقد فيها الأجيال فرصة التعليم المتكافئ، والتطوير، والعيش الكريم.
ماذا بعد؟
أمام هذا الواقع الكارثي، يحتاج التعليم في غزة إلى:
-
وقف فوري للعدوان، وضمان حماية المدارس والمنشآت التعليمية.
-
دعم عاجل لإعادة إعمار القطاع التعليمي، وتمويل البرامج الطارئة.
-
رعاية نفسية فورية للطلبة والمعلمين الذين عاشوا صدمات الحرب.
-
مساءلة الاحتلال دوليًا عن جرائمه بحق المؤسسات التعليمية وحرمان الأطفال من حق التعليم.
من تحت الأنقاض... يولد الأمل
رغم كل شيء، لا يزال أطفال غزة يتمسكون بدفاترهم، ويرسمون الأمل وسط الخراب، لأنهم يعرفون أن التعليم هو شكل من أشكال الصمود.
وفي كل معلم يُدرّس درسًا على ركام مدرسة، وفي كل طالب يقرأ كتابًا داخل خيمة، هناك مقاومة حقيقية تقول:
"نحن هنا… وسنتعلم، مهما حاولتم تدميرنا."
تعليقات
إرسال تعليق